فهرست مطالب

الجهة الثانية مناقشة المحقق الأردبيلي من حيث السند:

أشكل المقدس الأردبيلي قدس سره على سند الحديث بقوله: (وعبد الله غير الثقة معلوم التوثيق)[۱] وتبعه في المدارك مُعلّلاً باشتراك الراوي بين الثقة والضعيف،[۲] فهناك عدّة رواة بعنوان"عبد الله بن محمد" بعضهم ثبت توثيقه دون الآخر، وبسبب الإشتراك بين الثقة وغيره لا يحرز كون الراوي هو الثقة فتسقط عن الرواية عن الحجية من حيث السند.

والمعروف منهم في هذه الطبقة خمسة رواة:

۱. عبد الله بن محمد الأهوازي، يروي عن الكاظم علیه السلام.[۳]

۲ . عبد الله بن محمد الشعيري اليماني، يروي عن الكاظم علیه السلام.[۴]

ولم يثبت توثيق لهذين الراويين.

۳ . عبد الله بن محمد الحضيني أو الحصيني الأهوازي يروي عن الرضا علیه السلام.

٤. عبد الله بن محمد الحجّال الأسدي، يروي عن الرضا علیه السلام.

٥. عبد الله بن محمد بن علي بن هارون التميمي، يروي عن الرضا علیه‌السلام.[۵]

أما الأخير – التميمي – فلم يثبت توثيقه في الرجال، وإنما قد ثبت توثيق الحضيني[۶] والحجّال،[۷] فتكون الرواية مرددة بين الثقة وغير الثقة.

جواب السيد الخوئي قدس سره[۸] على إشكال الأردبيلي في السند

وخلاصة جوابه قدس سره يكون في مقدمتين:

المقدّمة الأولى: أنّ كنية «أبو الحسن» وإن كانت تختصّ بثلاثة أئمة وهم؛ الكاظم والرضا والهادي علیهم السلام، إلا أنّه عند الإطلاق تنصرف إلى الرضا علیه السلام قال قدس سره:(الظاهر هو الرضا علیه السلام).

المقدّمة الثانية: ما مرّ في سند الرواية السابقة كقاعدة عقلائية، وهي انصراف العنوان عند التردّد إلى المشهور بين الأفراد دون المغمور منهم، وهذه الكبرى تأتي هنا أيضاً، لأن المشهور بين من يُطلق عليهم "عبد الله بن محمد" هو أحد شخصين إما الحضيني، أو الحجّال الأسدي، وقد ثبتت وثاقة الإثنين، فلا يضر الاشتراك.

أما الأهوازي والتميمي – ولم يتعرّض السيد قدس سره لمحمد بن عبد الله الشعيري ـ فلم نجد لهما رواية واحدة في الكتب الأربعة، وإن وجدت فليس هما بشهرة الحجّال والحضيني، فلا ينصرف إليهما إطلاق العنوان بدون قرينة.

التحقيق في المقام

ينبغي طرح البحث على مسلكين:

المسلك الأول: على المشهور والتحقيق في مشايخ الثقات الثلاثة

وهو توثيقهم بالتوثيق العام المستفاد من شهادة الشيخ قدس سره، وعبد الله بن محمد – في روايتنا – قد روى عنه صفوان بن يحيى، فيكون ثقةً، وتصحّ الرواية دون الحاجة إلى تمييزه.[۹]

المسلك الثاني: عدم قبول توثيق مشايخ الثقات

كما هو مذهب المقدس الأردبيلي قدس سره وصاحب المدارك قدس سره – ظاهراً – وجزم به السيد الخوئي قدس سره.

فعلى هذا المبنى لا بدّ من التمييز و إلا فلا اعتبار للسند بسبب الاشتراك، فلا بدّ من النظر في المقدمتين اللتين استند إليهما السيد قدس سره في تمييز عبد الله بن محمد ثمّ الحكم بتمامية الرواية، فنقول:

أما المقدمة الثانية: فقد تقدم قبول هذه الكبرى، ويكفي مراجعة العرف في ذلك.

مناقشة السيد الخوئي قدس سره من انصراف كُنية «أبي الحسن» إلى الرضا علیه السلام

إنّما الكلام في المقدمة الأولى، من أنّ إطلاق كنية أبي الحسن تنصرف إلى الإمام الرضا علیه السلام، فلم يثبت ذلك، بل الثابت هو انصرافه إلى أوّل من اختصّ بها وهو الإمام موسى بن جعفر علیه السلام، كما صرّح به بعض كبار أهل الفنّ،[۱۰] بل استبعد العلامةُ المجلسي قدس سره أن يكون المقصود هو الرضا علیه السلام.[۱۱]

والوجه في ذلك:

أنّه لوكان لشخصين إسمٌ مشتركٌ، وكان أحدهما سابقاً الآخر من حيث الزمان، فمن الواضح أنّه في زمن الشخص السابق لا يحتاجون إلى تمييزه عن الآخرـ الذي لم يوجد بعد ـ حيث لا يخطر ببال أحدٍ أنّه سوف يجيء شخصٌ بنفس الإسم حتى يلزم ذكر أمرٍ إضافي على اسمه عند ذكره، بل يذكرونه بإسمه المجرّد عن أي صفةٍ أخرى، فالشهيد محمد بن مكي قدس سره ـ مثلاً ـ لم يُطلَق عليه "الشهيد الأول" لقرنين حتى استشهد الشيخ زين الدين العاملي قدس سره، و کذلک التقی المجلسی قدس سره بعد أن لَمَع نجمُ ولده محمد باقر قدس سره صار یُسمیّ بالمجلسی الأول، والملک فیصل سمّی بالأول تمییزاً عن حفیده فیصل الثانی.

وعلى أساس ذلك كان يطلق على الإمام الكاظم علیه السلام كنية "أبي الحسن" لسنوات كثيرة دون حاجة لتمييزه بوصفٍ آخر، وإنّما صارت الحاجة إلى ذلك بعد شهادته وبداية إمامة ولده أبي الحسن الرضا علیهالسلام، حيث بدأ عالم الرواية وتدوينها عن الرضا علیه السلام، فظهرت الحاجة إلى التمييز بعد أن رأوا أن اشتراك الكُنيتين الشريفتين توقع السامع في التردّد بينهما، ولذلك فذِكْر كنية "أبي الحسن" وإرادة الإمام الرضا علیه السلام كان على خلاف المتعارف.

ويشهد لذلك: أنّه بمراجعة سريعة – في كتابي قرب الإسناد والمحاسن فقط – تجد عشرات الروايات التي رويت عن أبي الحسن علیه السلام بشكل مطلق مع إرادة الإمام الكاظم علیه السلام دون أدنى تردّد،[۱۲] وذلك لقرينة الراوي عنه علیه السلام، وفي مقابل ذلك فإنّك سوف لن تعثر على ما يُقصَد به الإمام علي بن موسى الرضا علیه السلام إلا بشكل نادر.

ويؤيد ذلك تعقيب الراوي – في مواردٍ – عند ذكر كنية أبي الحسن علیه السلام بقوله: (يعني الرضا)،[۱۳] ولو كان ينصرف إلى الرضا علیه السلام لما احتاج إلى التنبيه بذلك.

وهذا ما فهمه العلامة قدس سره حيث عبّر عن روايتنا هذه بقوله: (ولقول الكاظم علیه السلام).[۱۴]

والنتيجة: أنّ الثابت من خلال التتبع والقرائن هو أنَّ كنية «أبي الحسن» عند الإطلاق تنصرفُ إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم علیه السلام دون وَلَده الرضا علیه السلام، ونتيجة ذلك أنّ عبد الله بن محمد الذي يروي عن الكاظم علیه السلام مرددٌ بين الشعيري والأهوازي، ولم يثبت توثيقهما، فتكون الرواية ضعيفة.

وإن أبيت فلا أقلّ من تردد الكنية بين الكاظم والرضا علیه السلام، فيلزم تردّد الرواية بين الثقة وغير الثقة.

ومنه يتّضح السرّ في عدول تعبير صاحب المدارك عن استاذه، وذلك لأنّ تعبير المقدّس الأردبيلي كان جازماً في عدم توثيق عبد الله بن محمد، وهو مبنيٌّ على ما ذكرنا من إنصراف الكنية إلى الكاظم علیه السلام، ولعلّه لعدم ثبوت هذا الإنصراف عند صاحب المدارك – وصاحب الذخيرة[۱۵] – بدّل التعبير إلى تردد الراوي بين الثقة والضعيف.

وكيف كان، فالرواية تامّة على مبنى المشهور من إنجبار السند الضعيف بالشهرة ـ وإن كان خلاف التحقيق[۱۶] ـ وكذلك على المشهور ـ والتحقيق ـ من توثيق مشايخ صفوان بن يحيى، أما مع عدم قبول المبنيين فلا يمكن تصحيحها بوجه.

(کتاب الحج ج۲۴ ص ۶۶).



۱ ـ مجمع الفائدة والبرهان: ٧: ١٦١.

۲ ـ مدارك الأحكام: ۸: ۱۳۹ و ۲۱۳ / وأيضاً في ذخيرة المعاد: ١: ق٣: ٦٤٦.

۳ ـ ذكر النجاشي قدس سره في رجاله: ۲۲۷ رقم ٩٥٨ (له مسائله لموسى بن جعفر علیه السلام).

۴ ـ ذكره الشيخ قدس سره في رجاله في أصحاب الكاظم علیه السلام الرجال الشيخ: ٣٤١ رقم ٤١.

۵ ـ أنظر رجال النجاشي: ۲۲۸ رقم ٦٠٣ / وصحيفة الرضا علیه السلام: ٨.

۶ ـ قال النجاشي قدس سره في رجاله: ۲۲۷ رقم ٥٩٧: (ثقة ثقة).

۷ ـ قال النجاشي في رجاله: ٢٢٦ رقم ٥٩٥: (ثقة ثقة ثبت) / والشيخ في رجاله: ٣٦٠: (ثقة).

۸ ـ أنظر موسوعة الإمام الخوئي: ۲۹: ٦٤.

۹ ـ أنظر الحدائق الناظرة: ١٦ ٢٧٩ ، وإن كان اعتمد على كون صفوان من أصحاب الإجماع.

۱۰ ـ السيد التفريشي قدس سره في نقد الرجال ٥: ۳۱٦.

۱۱ ـ أنظر روضة المتقين: ٦: ٤٦٣.

۱۲ ـ أنظر قرب الاسناد: ۳۳۱ ح ۱۱۲۳ و ۳۳۵ ح ۱۲۳۸ / و: ۳۳۷ ح ١٢٤۱ / و: ۳۳۸ ح ١٢٤٢ / و: ٣٣٩ ح ١٢٣٤ / و: ٣٤٠ – ح١٢٤٥ و ٣٦٥ ح ۱۳۰۸ و ۳۷۹ ح ۱۳۳۷ / و: ٣٨٣ ح١٣٤٨ و ٣٨٧ ح ١٣٥٩ / و ٣٩١ ح١٣٦٩.

والمحاسن: ١: ٦٥ ح ١١٧ / و: ٢٠٥ ح ٥٨ / و: ٢١٣ ح٩١ / و: ٢٤٤ ح ٢٣٨ / و: ٢٧٠ ح ٣٦١ / و: ٢: ٣٥٦ ح ٥٥ / و: ۳۷۳ ح ۱۳۷ و ۳۸۹ ح ١٨ / و ٤٠٨ ح١٢٩ و ٤٢٤ ح ٢١٨ / و: ٤٣٠ ح ٢٥١ / و: ٤٧١ ح ٤٦٣ / و: ٤٧٣ ح ٤٧٢ / و: ٤٧٦ح ٤٩٤ / و: ٤٧٧ ح ٤٩٤ / و: ٤٨٤ ح ٥٢٨ / و: ٤٩٩ ح ٦١٤ / و: ٥٠٤ ح ٦٣٦ / و: ٥١٠ ح ٦٧٥ / و: ٥١٨ ح ٧١٩ / و: ٥٤٠ ح ٨٢٢ / و: ٥٤٠ ح ٨٢٣ / و: ٥٦٤ ح ٩٦٦ / و: ٥٦٤ ح ٩٧١ / و: ٥٨٢ – ٥٨٣ ح ٦٧ / و: ٦١١ ح ٢٥ و ٢٦ / و: ٦٢٢ ح ٦٩ / و: ٦٢٤ ح ٨٢ / و: ٦٢٨ ح ١٠٣.

ونوادر الأشعري: ١٩ ح ٦ / و: ٣٨ ٥١ / و: ١٣١ ح ٣٣٧.

وفي فقه الرضا علیه السلام: (وكان أبو الحسن يقول في سجوده …) بشهادة الشيخ قدس سره في مصباح المتهجد ۲: ۷۹۸ أنه أبو الحسن الأول علیه السلام.

وفي مسائل علي بن جعفر علیه السلام: ۲۲۲ /و:۳۲۳ /و: ۳۲۷، وفي الكافي والتهذيب موارد كثيرة يصعب احصائها فضلاً عن تدوينها.

۱۳ ـ الكافي: ٧: ٦٠٢ ح ٤ / و ۸: ٦۲ ح ٦، وغيرها.

۱۴ ـ تذكرة الأحكام: ۸: ١٣٩.

۱۵ ـ ذخيرة المعاد: ۱: ق ۳: ٦٤٦.

۱۶ ـ أنظر الحدائق الناظرة: ١٦: ۲۷۹.

دیدگاه‌ خود را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پیمایش به بالا