إشكال صاحب المدارك من جهة أبي بصير ودفاع السيد الخوئي
وقد أشكل السيّد العاملي قدس سره في سند الرواية،[۱] من جهة اشتراك أبي بصير بین الثقة والضعيف، فتكون الرواية غير معتبرة لعدم إحراز وثاقة الراوي.
ولعلّ ما ذكر كان منشأ لتعبير صاحب الجواهر قدس سره عن الرواية بخبر أبي بصير.[۲]
لكنه مردود، وقد دفع بعض الأعلام قدس سره هذا الإشكال بقوله: (إنّ أبا بصير متى اُطلق يُراد به يحيى بن القاسم وهو ثقة، ومع الإغماض عن ذلك فهو مردّد بينه وبين ليث المرادي، فإنّه أيضاً مكنّى بهذه الكنية وكل منهما ثقة فالترديد غير ضائر، وأما غيرهما وإن كان يكنى بأبي بصير ولكنه غير معروف بها، بل لم يوجد مورد يُراد بأبي بصير غيرهما).[۳]
وبيان كلامه قدس سره: أنّ هناك ثلاثة رواة يشتركون بكُنيةٍ واحدةٍ وهي «أبي بصير» وهم: يحيى بن القاسم الأسدي، وليث بن البختري المرادي، وعبد الله بن محمد الأسدي، ووثاقة الأولين ثابتة دون الأخير.
ولكن قد ثبت في محلّه[۴] أنّه متى ما أطلِق العنوان المشترك دون ذكر القرائن المعينة لأحدهم فإنه ينصرف إلى الشاخص ومن هو الأشهر بينهم، وهذا الأمر لا يختص بعلم الرجال، بل هو أمر معمول به في كل الأعراف، كما لو أطلق في يومنا قولٌ ونسب للسيد الخوئي، فلا يتردد ذهن أحدٍ في مجتمعنا إلى غير المرجع المعروف قدس سره مع كثرة من له هذه الكنية.
وهذه الكبرى تنطبق على أبي بصير، لأنّ يحيى بن القاسم أشهر من يُكنّى به منهم، وعلى فرض التنزّل، فيشترك معه في الشهرة ليث بن البختري، وهذا الاشتراك لا يخدش في السند، لأنّه قد ثبت وثاقة الثاني أيضاً، أما بالنسبة إلى غيرهما فلم يُعهد في المجاميع الحديثية التصريح بإسمه في الأسانيد.
ولعلّه قد أشار إلى ذلك المقدّس الأردبيلي قدس سره في قوله: (وإن كان الظاهر أنّهما ثقتان) ، فلا ينبغي الإشكال في سند الرواية.
(کتاب الحج ج ۲۴ ص ۵۸ الی ۶۰).
۱ ـ وهو صاحب المدارك في : ۸: ۱۳۹ / وتبعه في الحدائق الناظرة: ١٦: ١٩١.
۲ ـ جواهر الکلام: ١٩: ٣٦٥.
۳ ـ موسوعة الامام الخوئي : ٢٩: ٦٣.
۴ ـ أنظر معجم رجال الحدیث: ۲۱: ۸۱.