وأما يونس بن عمّار فليس له توثيق خاص.
وقد يستدل الوثاقته بوجوه:
الأول: أنه من رجال أبن أبي عمير بسند صحيح
علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يونس بن عمار عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله علیه السلام يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله[۱].
وهذا الوجه تامّ عندنا كما تقدم في المباحث السابقة.
الثاني: رواية الأجلاء عنه كعثمان بن عيسى ويونس بن عبد الرحمن
منها: عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عثمان بن عيسى عن يونس بن عمار عن أبي عبدالله علیه السلام قال: إذا ذكر أحدكم نعمة الله عزوجل فليضع خده على التراب شكرا لله فإن كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه وإن لم يقدر فليضع خده على كفه ثم ليحمد الله على ما أنعم عليه[۲].
ومنها: علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن يونس بن عمار عن أبي عبدالله علیه السلام قال: قيل له وأنا حاضر الرجل يكون صلاته خاليا فيدخله العجب فقال إذا كان أول صلاته بنية يريد بها ربه فلا يضره ما دخله بعد ذلك فليمض في صلاته وليخسر الشيطان[۳].
وهذا الوجه ليس تاما عندنا، ولعلّه يكون مؤيدا لوثاقة الرجل.
الثالث: كلام النجاشي
في ترجمة إسحاق بن عمار بن حيان مولى بني تغلب أبو يعقوب الصيرف: «شيخ من أصحابنا، ثقة، وإخوته يونس ويوسف وقيس وإسماعيل، وهو في بيت كبير من الشيعة، وابنا أخيه علي بن إسماعيل وبشر بن إسماعيل كانا من وجوه من روى الحديث.
واستفادة الوثاقة من هذه العبارة من وجهين: أحدهما: أن يونس بن عمّار من بيت كبير من الشيعة، ومن كان كذلك لا يكون كذابًا يجعل الأحاديث على الأئمة علیهم السلام. وثانيهما: أنّ قوله: «وإخوته» عطف على الضمير في الثقة، أو مبتدأ محذوف الخبر:أي وإخوته ثقة. وقوله: «يونس وقيس وإسماعيل عطف بيان عن إخوته.
ولا يخفي ما في الوجهين. أما الأوّل فلأنّ البيت كبير لا يلازم كون تمام أفراد البيت من الموثّقين بالوثاقة المعتبرة في نقل الرواية عن المعصوم. وأما الثاني فلأنّه خلاف القواعد العربية وإن كان قد يستعمل كذلك كما في كتاب النجاشي نفسه في ترجمة بعض الرواة. على أنه لو سلّمنا فغايته احتمال ذلك لا الظهور في ذلك المعنى، بل الظاهر كون "إخوته" مبتدأ وخبره "يونس ويوسف وقيس وإسماعيل".
والحاصل: أنّ هذا الوجه غير تام عندنا.
فالمستند الصحيح لاعتبار الرجل رواية ابن أبي عمير عنه.
وقد تعامل بعض الفقهاء مع رواياته معاملة الصحيحة حيث أسندوا الروايات المشتملة على يونس بن عمار إلى الإمام علیه السلام، وإليك كلماتهم بعضهم.
منهم: المفيد قدس سره حيث يسند روايته إلى الإمام علیه السلام في موارد متعددة نحو «و روی یونس بن عمّار قال شكوت إلى أبي عبد الله علیه السلام رجلا كان يؤذيني فقال ادع عليه فقلت قد دعوت عليه قال ليس هكذا ولكن اقلع عن الذنوب وصم وصلّ وتصدّق فإذا كان آخر الليل فأسبغ الوضوء ثم قم فصل ركعتين ثم قل وأنت ساجد: اللهم إنّ فلان بن فلان قد آذاني اللهم أسقم جسده واقطع أثره وانقص أجله وعجّل له ذلك في عامه قال ففعلت ذلك فما لبث أن هلك»[۴].
ونحو: «وروی یونس بن عمار قال سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة وتجب الفطرة على من عنده قوت السنة».
وتلوها يقول: «وهي سنّة مؤكدة على من قبل الزكاة لفقره، وفضيلة لمن قبل الفطرة لمسكنته دون السنّة المؤكّدة والفريضة[۵].
ومنهم المحقق قدس سره قال: «وروی یونس بن عمار، عن أبي عبد الله سألته عن الوضوء للصلاة؟ فقال: مرّة مرّة»[۶].
ومنهم: ابن فهد الحلي قدس سره قال: «وروى يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول إن العبد ليبسط يديه ويدعو الله ويسأله من فضله مالا فيرزقه قال فينفقه فيما لا خير فيه ثم يعود ويدعو الله فيقول ألم أعطك ألم أفعل بك كذا وكذا»[۷].
ومنهم المجلسي الأول قدس سره قال: «روى الكليني في القويّ، عن يونس بن عمار قال: سمعت أبا عبدالله علیه السلام يقول: قرض المؤمن غنيمة وتعجيل أجر»[۸].
وقال أيضًا: «وفي الصحيح، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار قال: قال أبو عبد الله علیه السلام إن الدواوين يوم القيمة ثلاثة، ديوان فيه النعم، وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فيستغرق النعم عامة الحسنات ويبقى ديوان السيئات فيدعا بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدّم القرآن أمامه في أحسن الصورة فيقول: يا ربّ أنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ويطيل ليله بترتيلي وتفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضاني قال فيقول العزيز الجبار: عبدي ابسط يمينك فيملأها من رضوان الله العزيز الجبار ويملأ شماله من رحمة الله، ثمّ يقال: هذه الجنّة مباحة لك فاقرأ واصعد فإذا قرأ آية صعد درجة»[۹].
فالرواية الثامنة تامّة سندًا، وتدلّ على جواز العمل، لقوله علیه السلام: «وذلك لك».
(کتاب الطهارة ج۶ ص۹۸)
۱ ـ الكافي ٢: ۲۲۲، باب الكتمان.
۲ ـ الكافي ٩٨:٢.
۳ ـ الكافي ٣: ٢٦٨.
۴ ـ المقنعة: ۲۲۳.
۵ ـ المقنعة: ٢٤٨.
۶ ـ المعتبر۱ : ١٥٨.
۷ ـ عدة الداعي: ۱۳۸.
۸ ـ روضة المتقين:۳: ۳۹.
۹ ـ روضة المتقين ۱۳: ۱۱۹.